한국국제교류재단

قبل تأسيس مَنّ سي إي أي، لم يكن لدى جون أي خبرة في الزراعة. وبعد تخرُّجه من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا KAIST في تخصص في الهندسة الميكانيكية كان يفكر في دراسة الحقوق، وفي ذلك الحين صادف ما يعرف باسم "التقنية الملائمة". يشير هذا إلى التكنولوجيا التي تم تطويرها مع مراعاة الجوانب السياسية والثقافية والبيئية للمجتمع الذي فيه تُستخدم هذه التكنولوجيا.

"عندما سمعت عن التقنية الملائمة، فكرت في نفسي أنني إذا تمكنت من الجمع بين اهتمامي الطويل بالزراعة وتكنولوجيا التحكم في النظام والتي عليها تركز اهتمامي في الجامعة، فقد أتمكن من تطوير تكنولوجيا يمكن أن تفيد العالم. كنت أشعر بالقلق دائما بشأن الأزمة الزراعية الناجمة عن تغير المناخ وشيخوخة السكان الزراعيين. إذا كان من الممكن إدارة البيئة الزراعية باستخدام نظام ما، فإن المشاكل المعقدة التي يعاني منها المجتمع الزراعي قد تكون قابلة للحل."

أسس جون شركته لأول مرة في مركز حضانة الأعمال التكنولوجية التابع لـKAIST. والتقى بخبراء في الزراعة العضوية وتكنولوجيا التحكم في البيئة وغيرها بهدف تطوير نظام تحكم مناسب للبيئات الزراعية. سيستخدم النظام أجهزة استشعار لقياس درجة حرارة الدفيئة والرطوبة والضوء ومستويات ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى تركيزات العناصر الكبيرة والمغذيات الصغرى التي تحتاجها النباتات كما أن النظام سيقوم أيضا بجمع وإدارة كل هذه المعلومات كبيانات رقمية. واعتقد جون أنه إذا تمكن من النجاح في تطوير مثل هذا النظام، فسيكون من الممكن توفير بيئة النمو الأمثل في أي مكان في العالم.

كما توصل إلى اسم شركته من خلال الجمع بين المنّ وهو الطعام المعجز الذي نزل من السماء في الكتاب المقدس، وسي إي أي(CEA) وهو اختصار لعبارة "الزراعة البيئية الخاضعة للرقابة(Controlled Environment Agriculture)". وهذا يدل على رغبة جون في ألا يعاني أحد من الجوع في العالم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير التكنولوجيا الزراعية التي توفر الغذاء كما لو كان ذلك بتدخل إلهي.

لم يكن تطوير النظام سهلا بأي حال من الأحوال. كان الحفاظ على المواد العضوية المتوفرة للمحاصيل على مستوى تركيز ثابت أمرا صعبا بشكل خاص. كان يمكن لاستخدام الأسمدة الكيماوية أن يجعل المهمة أسهل، لكنه مخالف لفكرة جون عن التكنولوجيا التي تعود بالنفع على العالم. وقد صادف وقتئذ تقنية زراعة أكوابونيكس وهي مزيج صديق للبيئة من تربية الأحياء المائية والزراعة في الماء والتي تسمح بزراعة النباتات وتربية الأسماك في وقت واحد.

إن أكوابونيكس هو عملية إعادة تدوير المياه. تخضع إفرازات الأسماك الموجودة في حوض السمك للتخمير الميكروبي، وبالتالي توفر العديد من العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات. وبمجرد أن تجمع المياه المزودة بهذه العناصر الغذائية في قاع المزرعة فإنها تمر عبر مرشح تنقية المياه ثم تعود إلى الحوض. وبهذه الطريقة، يتم تدوير المياه المطلوبة لزراعة المحاصيل وتربية الأسماك وإعادة استخدامها.

تتمتع زراعة أكوابونيكس بالعديد من المزايا. أولا وقبل كل شيء، فإنها توفر المياه. وفي الزراعة التقليدية، يتم امتصاص المياه المستخدمة في زراعة المحاصيل في التربة ولا يمكن إعادة استخدامها. ومن ناحية أخرى، في نظام أكوابونيكس، يمكن تدوير المياه المستخدمة في زراعة المحاصيل وتربية الأحياء المائية وإعادة استخدامها بشكل دائم. منذ أن بدأت مَنّ سي إي أي تشغيل مزارعها في عام ٢٠١٤، أصبحت كفاءة استخدام المياه متميزة. تحتاج إلى إعادة تزويد المياه التي تتبخر بشكل طبيعي، ولهذا السبب تتطلب زراعة أكوابونيكس ٥٪ فقط من المياه التي تستخدمها المزارع التقليدية في المتوسط.

الميزة الثانية هي القدرة على الزراعة العضوية. تستخدم الزراعة المائية التقليدية الأسمدة الكيماوية لتعزيز نمو المحاصيل. ومع ذلك، لا يستخدم مَنّ سي إي أي أي مبيدات حشرية أو مواد صناعية، وبدلا من ذلك يستخرج العناصر الغذائية للنباتات من إفرازات الأسماك. وبينما تجعل المخلفات الكيميائية في أنظمة الزراعة المائية التقليدية إعادة استخدام المياه أمرا صعبا، يمكن في أنظمة أكوابونيكس مراقبة المياه وتنقيتها وإعادة استخدامها ببساطة عن طريق ضبط تركيز المواد العضوية. كما يمكن الحفاظ على مستوى ثابت من المواد العضوية من خلال نظام التحكم المبني على البيانات.

وبينما كان جون يخطط لتطبيق نظامي التحكم في البيئة وزراعة أكوابونيكس في المزارع الفعلية، سمع أن هناك دفيئة زراعية معروضة للبيع في جينتشون. وعلى الرغم من أنه لم يكن لديه أي علاقات معها، إلا أنه اغتنم الفرصة لتطبيق التكنولوجيا التي كان يعتقد أنها يمكن أن تحقق أحلامه. عندما تم تطبيق نظام التحكم الخاص بـ منّ سي إي أي على الدفيئات الزراعية صغيرة الحجم لأول مرة، بدأت في إنتاج كميات كبيرة من المنتجات الزراعية.

يقول جون إن "هذه هي الميزة الثالثة لطريقة زراعة مَنّ سي إي أي"، ذاكرا أنه "بالمقارنة مع الزراعة الحقلية التقليدية، يمكن لـ منّ سي إي أي حصاد ١٢٠% من المحاصيل المعتادة وأكثر من ١٥٠٠% من المحاصيل المتخصصة. نتحرر من مخاطر الكوارث الطبيعية والآفات. ومن خلال زراعة المحاصيل في بيئة خاضعة للرقابة باستخدام المحاليل الغذائية، وأنظمة التحكم في درجة الحرارة والرطوبة، وأنظمة الإضاءة، يمكن توقع عائد سنوي ثابت. علاوة على ذلك، فإن الأسماك التي تتم تربيتها باستخدام نظام أكوابونيكس توفر مصدرا إضافيا للدخل."

قد يتساءل البعض كيف يمكن بيع هذه الكميات الكبيرة من المنتجات. أولا، تدير منّ سي إي أي مزارع تجريبية من أجل توفير المنتجات الطازجة للمستهلكين. تتطلب المزارع التقليدية الكثير من العمالة في عمليات الزراعة والحصاد والتعبئة والبيع. لكن المزارع التجريبية التي تديرها منّ سي إي أي تتيح قطف الفراولة الطازجة وتناولها للأطفال بأنفسهم. وهذا يقلل من الحاجة إلى العمالة في الوقت نفسه فيخلق دخلا إضافيا أيضا من خلال هذه التجارب المدفوعة الأجر.

ثانيا، يتم استخدام المنتج أيضا لصنع السلطات التي يتم بيعها في عبوات صديقة للبيئة بعد ذلك. يتم توفير بعض المكونات لروت سكوار وهو مجمع زراعي مستقبلي يقع في جينتشون تديره منّ سي إي أي. يربط المجمع الزراعة بشركات الخدمات الغذائية مثل المقاهي والمطاعم ويوفر الإقامة والتعليم الزراعي. يبلغ متوسط عدد الزائرين إلى المزارع التجريبية التابعة لمنّ سي إي أي وروت سكوار حوالي ١٠.٠٠٠ زائر شهريا.

كانت المباني التي تكون روت سكوار بما فيها مرافق الإقامة في المزرعة مدخلاتٍ في معرض هاوس فيجن كوريا لعام ٢٠٢٢ وهو معرض معماري دولي أقيم في جينتشون. يقترح معرض هاوس فيجن الذي بدأه المصمم الياباني الشهير كينيا هارا في عام ٢٠١١ أنماط حياة مستقبلية، ويستكشف المنازل بوصفها منصات لإمكانيات جديدة عند تقاطع وسائل النقل والطب والتكنولوجيا والحياة. تحت شعار "الزراعة"، أشرف هارا بنفسه على معرض هاوس فيجن في جينتشون وشارك في استضافته مَنّ سي إي أي. لا يزال من الممكن العثور على منصة المعيشة الريفية المستقبلية في روت سكوار.

في مَنّ سي إي أي أصبح إنتاج الفراولة على مدار العام ممكنًا بفضل التحكم البيئي ونظام كفوء من حيث الطاقة يعتمد على البيانات.
© منّ سي إي أي

يعرّف جون منّ سي إي أي بأنها "شركة تبيع المرافق المتعلقة بالزراعة والبرمجيات المساعدة للمزارعين". ويرغب في أن يصبح روت سكوار مكانا يكتشف فيه الناس الإمكانات المستقبلية للمناطق الريفية.

"يرغب بعض الناس في الخوض في الزراعة ولكنهم يترددون لأنهم يفتقرون إلى الخبرة أو لا يعرفون طرقا لحل مشاكل العمل أو رأس المال. يمكن أن تساعد أنظمة التحكم في البيئة على التغلب على مشاكل الخبرة والعمل. إذا كان من الصعب تطوير قنوات المبيعات، فيمكنك جذب الناس إلى المزرعة. إذا لم يكن هناك رأس مال، يمكنك جمع الأشخاص الذين يرغبون في المشاركة في الزراعة كمستثمرين وتشغيلَ المزارع معا وتقاسم الأرباح. ومن خلال تغيير طريقة تفكيرك، يمكنك العثور على إمكانيات في المناطق الريفية حيث يواجه الآخرون المشاكل."

ويتطلع العالم الأوسع الآن إلى الإمكانات المستقبلية للزراعة من خلال مَنّ سي إي أي حيث يتم تصدير تكنولوجيا الشركة حاليا إلى دول مثل كازاخستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كما أصبحت منّ سي إي أي أول شركة آسيوية حصلت على شهادة عضوية من وزارة الزراعة الأمريكية. وقد تم الانتهاء من بناء أول مصنع لها في المملكة العربية السعودية، وتلوح طلبات إضافية في الأفق. ومع ذلك، فإن تطلعات جون أعلى من ذلك.

"أهدف إلى جعل منّ سي إي أي أفضل "شركة حلول" وتأسيسِ الزراعة كصناعة هندسية صديقة للبيئة. ومن أجل تحقيق ذلك، سوف أستمر في تطوير حلول للمشاكل الريفية."

منذ أن بدأت الثورة الزراعية قبل ٦٠٠٠ سنة، تمكن البشر من إعالة أنفسهم من خلال الزراعة. واليوم تهدف منّ سي إي أي إلى بدء ثورة خضراء حيث يمكن لكل شخص في العالم أن يعيش دون قلق بشأن الغذاء.